المد والجزر وارتباطهما بالقمر



ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

يتبع المد والجزر القمر في حركته الظاهرية حول الأرض. ترتفع مياه المسطحات المائية وتنخفض مرتين خلال الفترة الزمنية الواقعة بين طلوعين متتاليين للقمر، وهي تعادل 24 ساعة و 50 دقيقة تقريبًا.



وتتحدد الفترة بين طلوعين للقمر بوساطة حركتين هما:


1- حركة الأرض حول محورها .
2- دوران القمر حول الأرض. فنتيجة لدوران الأرض حول محورها، يقطع القمر السماء مرة كل يوم. أما بالنسبة للشمس، فإن القمر يدور حول الأرض مرة واحدة كل 29,5 يوم، لذلك فإن القمر يتحرك 12°حول الأرض كل يوم. وفي الوقت الواقع ما بين طلوعين للقمر، تكون الأرض قد أكملت دورتها حول نفسها، وهنا ترجع الاثنتا عشرة درجة التي أُضيفت، وتستغرق هذه الاثنتا عشرة درجة نحو50 دقيقة.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

يعرف الناس منذ آلاف السنين أن هناك علاقة بين حركة المد والجزر والقمر. فقبل بداية القرن الثاني الميلادي، كتب عالم الطبيعيات الروماني بليني عن أثر القمر على حركة المد والجزر. لكن القوانين الفيزيائية لهذه الظاهرة لم تتضح، إلا بعد اكتشاف العالم الإنجليزي إسحق نيوتن قانون الجاذبية في بداية القرن السابع عشر.
تسحب جاذبية القمر المياه القريبة منه قليلاً عن الجزء الصلب من الأرض، وفي نفس الوقت يقوم القمر بجذب اليابسة قليلاً عن الماء في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية. وبنفس الطريقة فإن جاذبية القمر تسبب حدوث انتفاخين لمياه البحر، ويتخذ هذان الانتفاخان نفس اتجاه المد.
ونظرًا لدوران الأرض حول محورها، فإن كلاً من اليابسة والماء يدوران بعضهما مع بعض، لكن واحدًا من هذين الانتفاخين يبقى في العادة تحت القمر، والانتفاخ الآخر عادة ما يبقى في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية. لذلك ينشأ عن دوران الكرة الأرضية مدٌ في غالبية أجزاء البحر مرتين في اليوم الواحد، وليس بالضرورة تساوي هذين المدين في مكان واحد، لأن مراكز الانتفاخات المائية تقع في الغالب على الجوانب المقابلة لخط الاستواء، بدلاً من وقوعها فوق خط الاستواء بسبب وقوع القمر عادة إلى الشمال أو الجنوب من خط الاستواء.
توجد قوة تجذب الأرض نحو الشمس أو القمر تسمّى الجاذبية. وتعتمد هذه القوة على الكتلة والمسافة التي تفصل الأجسام عن الأرض. فقوة الجاذبية تتناسب مع كتلة الجسم، فإذا كان بالإمكان مضاعفة كتلة الجسم، فإن طاقة جذب هذا الجسم نحو الأرض ستكون مضاعفة. كما تتناسب الجاذبية عكسيًا مع مربع المسافة بين الجسم والأرض، فإن طاقة الجذب بينهما تقل إلى الربع.
تقوم الشمس والقمر بجذب جانب الأرض القريب منهما أكثر من جذبهما لمركز الأرض، وذلك لأن مركز الأرض يقع بعيدًا. ونتيجة لهذا الاختلاف يحدث المد والجزر. وتتناسب هذه الاختلافات عكسيًا مع مكعب المسافة بين الجسم والأرض، فإذا تضاعفت المسافة بين الأرض والجسم فإن الجاذبية تصل إلى الثُمن فقط.
تساوي كتلة الشمس 27 مليون مرة كتلة القمر. فإذا كانت المسافة بين الأرض والقمر تساوي المسافة بين الشمس والأرض، فإن المد الذي يحدث بفعل جاذبية الشمس، سوف يعادل 27 مليون ضعف ارتفاع المد الناتج بفعل جاذبية القمر. لكن المسافة بين الشمس والأرض أبعد 390 مرة من مسافة القمر عن الأرض. لهذا فإن المد الناتج عن جاذبية الشمس يعادل فقط 46% من المد الناتج عن جاذبية القمر. ويتحد المدَّان الناتجان عن الشمس والقمر في مد وجزر واحد يبدو واضحًا على شواطئ البحار.
يساهم اختلاف السواحل والقنوات البحرية في تباين الأوقات التي تضرب بها أمواج المد والجزر الموانئ الواقعة على نفس الشاطئ، وتقوم حكوماات
الدول الواقعة على الشواطئ بطباعة جداول خاصة، تبيَّن فيها مواعيد حدوث موجات المد والجزر على الموانئ الرئيسة لهذا البلد طيلة السنة. تدخل السفن الموانئ أثناء حدوث مد ذي علو كاف لكي يحملها، وإلى تيار الارتفاع لكي ينقلها إلى داخل الميناء إذ إن جداول المد والجزر التي يعتمدها بحارة السفن ثابتة لا تتغير.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

فيديو~